في عام 2023، واجهت إحدى الشركات ذات المسؤولية المحدودة العاملة في قطاع التجارة الإلكترونية بدبي أزمة سيولة خانقة. تراكمت الديون، وتوقفت الإيرادات، وفشلت محاولات إعادة الهيكلة. أمام هذا الوضع، لم يجد المدير خيارًا سوى اللجوء إلى القضاء لطلب إشهار إفلاس شركة ذات مسؤولية محدودة، ما أثار العديد من التساؤلات القانونية والعملية حول الإجراءات والنتائج المترتبة على هذا القرار.
في هذا المقال، نستعرض معكم شروط وإجراءات إفلاس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون الإماراتي؟ وما الفرق بين الإفلاس والتصفية؟ وهل تبقى مسؤولية الشركاء محدودة فعلًا؟
للتواصل مع محامٍ متخصص في قضايا الإفلاس التجاري، يُرجى الضغط على أرقامنا في صفحة اتصل بنا.
جدول المحتويات
ما هو إفلاس شركة ذات مسؤولية محدودة في الإمارات؟
يُقصد بإفلاس الشركة ذات المسؤولية المحدودة الحالة التي تعجز فيها الشركة عن سداد ديونها والتزاماتها المالية في المواعيد المحددة، مما يستدعي اللجوء إلى القضاء لطلب الحماية القانونية وفتح إجراءات التصفية أو إعادة الهيكلة.
ويتميّز هذا النوع من الشركات بأن مسؤولية الشركاء محدودة بقدر حصصهم في رأس المال، إلا أن هذه الحماية قد تزول جزئيًا في حال ثبوت سوء إدارة أو ارتكاب مخالفات جسيمة من قبل المديرين أو الشركاء.
ويُعد الإفلاس إجراء قانوني منظّم يهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق الدائنين، ومنح الشركة فرصة لتسوية أوضاعها المالية تحت إشراف المحكمة.
خطوات إعلان إفلاس الشركة ذات المسؤولية المحدودة في الإمارات
تُحدَّد إجراءات إفلاس الشركات ذات المسؤولية المحدودة في دولة الإمارات وفقًا لأحكام المادة المادة 68 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 بشأن الإفلاس وتعديلاته، كما يلي:
تقديم طلب الإفلاس إلى المحكمة
يتوجب على مدير الشركة أو الشريك المفوّض تقديم طلب إلى المحكمة المختصة خلال 30 يومًا من تاريخ التوقف عن سداد الديون، على أن يُرفق بالطلب ما يلي:
- دفاتر الميزانية والبيانات المالية.
- حسابات الأرباح والخسائر.
- قائمة بأسماء الدائنين وقيمة كل دين.
- بيان بأصول الشركة وأموال الشركاء ذات العلاقة.
- تقرير مفصل عن أسباب التعثر المالي.
تُعد هذه المستندات ضرورية لإثبات جدّية الطلب وتوضيح الوضع المالي الفعلي للشركة أمام المحكمة.
دراسة الطلب من قبل المحكمة
عند تسلّم الطلب، تقوم المحكمة بمراجعة المستندات والظروف المالية للشركة، ويجوز لها اتخاذ أحد القرارات التالية:
- إعلان الإفلاس وفتح إجراءات التصفية أو إعادة الهيكلة.
- رفض الطلب إذا لم تتوافر الشروط القانونية.
- الاستجابة لطلب دائن متى ثبت توقف الشركة عن السداد.
ويُشكّل قرار المحكمة نقطة الانطلاق الرسمية لإجراءات الإفلاس، سواء عبر التصفية أو إعادة الهيكلة.
إمكانية تقديم الطلب من قِبل الدائنين
يجوز لدائن أو أكثر تقديم طلب الإفلاس ضد الشركة، بشرط:
- أن يكون الدين مستحق الأداء وغير متنازع عليه.
- أن تبلغ قيمة الدين الحد الأدنى الذي يقرره القانون.
ويُتيح هذا الإجراء للدائنين حماية مصالحهم عند تقاعس الشركة عن المبادرة بطلب الإفلاس.
وبالتالي، فإن الالتزام بهذه الخطوات بدقة يضمن للشركة حماية قانونية منظمة خلال إجراءات الإفلاس، ويُسهم في الحفاظ على حقوق الدائنين وتقليل المخاطر القانونية على الشركاء والمديرين.
الآثار المترتبة على إعلان الإفلاس في الشركات ذات المسؤولية المحدودة
يترتب على إعلان إفلاس شركة ذات مسؤولية محدودة في الإمارات عدة آثار قانونية ومالية وتجارية تنعكس على الشركة نفسها، والشركاء، والدائنين، وحتى السوق المحيط بها. من أبرز هذه الآثار:
- تجميد الأصول والحسابات: بمجرد صدور حكم الإفلاس، تُجمّد أصول الشركة وتُوضع تحت إدارة أمين الإفلاس، بهدف تصفيتها أو إعادة هيكلتها لصالح الدائنين.
- وقف الدعاوى الفردية: تُمنع أي جهة دائنة من اتخاذ إجراءات قانونية منفردة ضد الشركة، وتُحال جميع المطالبات إلى ملف الإفلاس الموحد بإشراف المحكمة.
- تصفية الديون وإعادة توزيعها: يتم ترتيب الدائنين حسب أولوياتهم القانونية، وتوزع أموال الشركة على المستحقين وفقًا لهذا الترتيب.
- تعليق نشاط الشركة التجاري: يُحظر على الشركة ممارسة نشاطها المعتاد، ويقتصر دورها على التعاون مع أمين الإفلاس لإتمام الإجراءات القانونية.
- تأثيرات على الشركاء والمديرين: رغم أن الشركة ذات مسؤولية محدودة، إلا أن الشركاء أو المديرين قد يُحمّلون مسؤولية شخصية في حال ثبت ارتكابهم سوء إدارة أو احتيال أو مجازفة مالية غير مبرّرة.
- تأثير على السمعة والفرص المستقبلية: يُسجل الإفلاس في السجل التجاري، ما قد يُضعف من فرص الشركاء في تأسيس شركات جديدة أو الحصول على تمويل مستقبلي.
وبذلك، فإن إعلان الإفلاس لا يُعد مجرد إجراء مالي، بل يترتب عليه آثار قانونية وتنظيمية تمتد إلى كافة أطراف العلاقة التجارية، مما يستوجب التعامل معه بدقة وشفافية وفق أحكام القانون.
الفرق بين الإفلاس وتصفية الشركة في القانون الإماراتي
رغم أن مفهومي الإفلاس والتصفية يرتبطان بحالة التوقف عن العمل التجاري، إلا أن القانون الإماراتي يُفرّق بينهما من حيث الأسباب والإجراءات والنتائج، كما يلي:
العنصر | الإفلاس | التصفية |
---|---|---|
السبب | عجز مالي عن سداد الديون | قرار إداري أو اتفاق شركاء بإنهاء النشاط |
الجهة المختصة | المحكمة المختصة بالإفلاس | الشركاء أو المحكمة (في بعض الحالات) |
الإجراءات | تتضمن إشرافًا قضائيًا وتعيين أمين إفلاس | قد تكون طوعية أو قضائية دون إعلان إفلاس |
الأثر على الشخصية القانونية | تُجمَّد أصول الشركة وقد تنحل تمامًا | تنتهي الشخصية القانونية بعد التصفية |
حقوق الدائنين | تُرتّب بحسب أولويات قانونية | تُسدد من موجودات الشركة حسب الترتيب |
إمكانية الاستمرار | لا يمكن ممارسة النشاط بعد إعلان الإفلاس | يمكن التصفية دون إعلان إفلاس |
خلاصة الفرق:
- الإفلاس يُعلن بقرار قضائي نتيجة عجز مالي حقيقي.
- التصفية قد تكون خيارًا إداريًا لإنهاء أعمال الشركة بانتظام.
دور المحامي في قضايا إفلاس الشركات ذات المسؤولية المحدودة
يُسهم المحامي المتخصص في الإفلاس بشكل فعّال في إدارة ملفات الشركات المتعثرة، ويشمل دوره ما يلي:
- تقييم الوضع المالي والقانوني للشركة: عبر دراسة مدى تحقق شروط الإفلاس وفقًا للقانون الاتحادي.
- إعداد وتقديم طلب الإفلاس: بصياغة قانونية دقيقة، مرفقًا بجميع المستندات المطلوبة أمام المحكمة المختصة.
- تمثيل الشركة خلال الإجراءات القضائية: وحضور الجلسات ومتابعة تعيين أمين الإفلاس والتعامل مع الجهات المعنية.
- التفاوض مع الدائنين: للمساهمة في إعادة الهيكلة أو الوصول إلى تسوية تحفظ حقوق الطرفين.
- الدفاع عن المديرين أو الشركاء: في حال اتهامهم بسوء إدارة أو تصرفات تُعرضهم للمسؤولية الشخصية.
- ضمان الامتثال للنصوص القانونية: ومتابعة سير الإجراءات بما يتوافق مع المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 وتعديلاته.
وبذلك، فإن وجود محامي قضايا افلاس الشركات لا يقتصر على تقديم المشورة، بل يُعد عنصرًا أساسيًا لضمان حماية قانونية متكاملة خلال جميع مراحل الإجراءات.
الأسئلة الشائعة حول إفلاس شركة ذات مسؤولية محدودة في الإمارات
السؤال الشائع ما قبل الأخير
التصفية تعني إنهاء الشركة بالكامل وبيع أصولها لتسديد الديون، ولا تتيح مواصلة العمل. إجراء الإفلاس هو الذي قد يمنح الشركة فرصة لمواصلة العمل عبر إجراء إعادة الهيكلة أو الصلح الوقائي، قبل أن تقرر المحكمة التصفية النهائية.
في ختام هذا المقال، يتبيّن أن إفلاس شركة ذات مسؤولية محدودة في الإمارات ليس مجرد إعلان عن توقف مالي، بل هو إجراء قانوني دقيق ينظّمه المشرّع لحماية حقوق جميع الأطراف: الشركة، الشركاء، الدائنين، وحتى السوق ككل. وقد استعرضنا بالتفصيل خطوات إعلان الإفلاس، الشروط القانونية، الآثار المترتبة، والفرق بين الإفلاس والتصفية، إضافة إلى دور المحامي في إدارة هذا النوع من القضايا المعقّدة.
إن اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، بالتعاون مع محامٍ مرخّص، قد يكون الفارق بين خسارة كاملة أو تسوية قانونية عادلة تحفظ ما يمكن حفظه من أصول وسمعة.
للتواصل مع محامي شركات متخصص في قضايا الإفلاس التجاري في الإمارات، يرجى النقر على زر الواتساب أسفل الشاشة للحصول على استشارات قانونية في الإمارات.
قد يهمك أيضًا:
- حكم التمييز بالشركات والإفلاس في الإمارات.
- إجراءات افلاس الشركات في الإمارات.
- أفضل صيغة دعوى اشهار افلاس شركة في الإمارات.
- افلاس الشركات المساهمة في الإمارات.
التنويه القانوني:
المحتوى الوارد لأغراض تثقيفية فقط، ولا يُشكل مشورة قانونية. للحصول على استشارة قانونية مخصصة، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخّص في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصادر
- المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2016 بشأن الإفلاس وتعديلاته.
- المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات.
- بوابة التشريعات الإماراتية.
