فسخ عقود الاستثمار في الامارات ليس مجرد إجراء شكلي ينهي العلاقة بين الأطراف، بل هو تصرّف قانوني منظم يُخضع لإنفاذ شروط وأسباب محددة يقرّها القانون. في بيئة استثمارية ديناميكية مثل دولة الإمارات، قد تنشأ ظروف استثنائية أو إخلالات تعاقدية تجعل من استمرار العقد أمرًا غير ممكن أو غير عادل، مما يفرض على المستثمرين والمؤسسات فهماً دقيقاً للأطر القانونية التي تحكم إنهاء تلك العقود.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أهم الشروط القانونية والإجراءات العملية التي تنظم فسخ عقود الاستثمار، وفقاً لأحدث أحكام قانون المعاملات المدنية الإماراتي والتشريعات ذات الصلة، مع توضيح الآثار المترتبة على هذا الفسخ سواء تم بالتراضي أو عبر القضاء أو التحكيم.
للحصول على استشارات قانونية في الإمارات متخصصة بشأن فسخ عقود الاستثمار في الإمارات، تواصل معنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.
جدول المحتويات
فسخ عقود الاستثمار في الامارات
فسخ عقد الاستثمار هو إجراء قانوني يُفضي إلى إنهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين قبل اكتمال مدتها أو تحقيق غايتها، نتيجة وجود إخلال أو عيب يؤثر في صحة العقد أو تنفيذه.
ويُعد الفسخ من الوسائل النظامية التي كفلها قانون المعاملات المدنية الإماراتي لحماية أحد المتعاقدين من استمرار التزام غير عادل أو غير قابل للتنفيذ.
ويختلف الفسخ عن الإنهاء الطبيعي للعقد بانتهاء مدته، إذ يتطلب وجود سبب مشروع وموثق قانوناً، مثل الإخلال الجوهري بالالتزامات، أو ظهور مانع قانوني أو فعلي يحول دون تنفيذ العقد، ويترتب عليه غالباً إعادة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، أو تعويض الطرف المتضرر.
حالات فسخ عقد من عقود الاستثمار في الإمارات
تختلف حالات فسخ عقود الاستثمار في الامارات بحسب طبيعة الإخلال أو الظرف القانوني الذي يطرأ على العلاقة التعاقدية، وقد حدد القانون عددًا من الأسباب المشروعة التي تُبرر إنهاء العقد قبل استنفاد مدته، وهي:
- الإخلال الجوهري بالالتزامات التعاقدية: مثل امتناع أحد الطرفين عن تنفيذ بند أساسي من بنود العقد كتحويل الأموال، أو تسليم الأصل الاستثماري.
- ثبوت الغش أو التغرير أو الإكراه: إذا تبيّن أن أحد المتعاقدين تعرض لتضليل أو أُجبر على التوقيع تحت ضغط أو تهديد يؤثر في صحة الرضا.
- فقدان الأهلية القانونية أو غياب التفويض: كأن يُبرم العقد شخص لا يملك الصلاحية القانونية أو التمثيل عن الطرف المتعاقد.
- استحالة تنفيذ العقد: نتيجة ظروف قاهرة مثل الكوارث أو الأزمات الاقتصادية أو صدور قوانين جديدة تمنع تنفيذ المشروع الاستثماري.
- العيوب الجوهرية في محل العقد: مثل اكتشاف خلل فني أو قانوني في موضوع الاستثمار يُفقد العقد غايته.
- الاتفاق المسبق على شرط فسخ: إذا نص العقد صراحة على إمكانية فسخه في حالات معينة دون الرجوع إلى القضاء، مع الالتزام بإشعار الطرف الآخر.
كل حالة من هذه الحالات تستوجب تحقق شروط قانونية دقيقة، وقد تختلف آثار الفسخ تبعاً للوسيلة التي تم بها (اتفاقية أو قضائية أو تحكيمية).
شروط فسخ عقد الاستثمار في القانون الاماراتي
لا يُمكن فسخ عقد الاستثمار في دولة الإمارات بشكل تلقائي أو تعسفي، بل لا بد من توافر مجموعة من الشروط القانونية التي تُضفي على الفسخ صفة المشروعية وتجعله مُنتجاً لآثاره القانونية، وتتمثل تلك الشروط بما يلي:
- إخلال أحد طرفي العقد بالالتزامات المتوجبة عليه نتيجة ذلك العقد، بحيث يكون الإخلال في الالتزام جوهرياً ومؤثراً في العقد.
- يجب أن يكون الطرف الراغب بفسخ عقد الاستثمار قد نفذ التزاماته.
- اختلال شرط الرضا في عقد الاستثمار، إذا ما تبين بأن أحد طرفي عقد الاستثمار كان مكرهاً على إبرامه.
- عدم أهلية أحد المتعاقدين لإبرام عقد الاستثمار، كأن يكون محجوراً عليه لأي سبب من الأسباب، أو يتم التوقيع عن الشخص الاعتباري كالشركة أو المؤسسة من شخص غير مفوض.
- ظهور الغش من أحد الطرفين أثر في إبرام عقد الاستثمار، كأن يظهر أحد الطرفين الملاءة المالية للطرف الآخر، ثم يتضح إفلاسه وعدم إمكانية تنفيذ عقد الاستثمار.
- استحالة تنفيذ الالتزامات في عقد الاستثمار، نتيجة قوة قاهرة، أو إصدار تشريعات تمنع ذلك العقد.
- ظهور عيب من العيوب التي لا يمكن التسامح بها، بحيث تؤدي لعدم انتفاع الطرف بعقد الاستثمار.
وعليه، فإن تحقق أحد هذه الشروط يُعد أساسًا قانونيًا كافيًا للمطالبة بفسخ عقد الاستثمار، سواء عبر الوسائل الودية أو من خلال القضاء المختص.

إجراءات فسخ عقود الاستثمار في الامارات
إن إجراءات فسخ عقد الاستثمار في الإمارات وفق أحكام قانون المعاملات المدنية الإماراتي تتم إما بشكل اتفاقي أو عن طريق القضاء.
الفسخ الاتفاقي
ويسمى الفسخ الاتفاقي في هذه الحالة بإقالة العقد، حيث يتفق طرفا عقد الاستثمار على إنهائه قبل انقضاء مدته، وذلك وفق شروط وأحكام محددة، مع تعويض الطرف المتضرر نتيجة ذلك الفسخ.
ويدخل ضمن نطاق الفسخ الاتفاقي وجود شرط في عقد الاستثمار يمنح أحد الطرفين فسخ العقد دون الحاجة لحكم قضائي، إذا ما أخل الطرف الآخر بالتزاماته، وغالباً ما يترافق ذلك الشرط بضرورة إخطار الطرف الآخر قبل الإنهاء بفترة محددة.
الفسخ القضائي
ويتم ذلك الفسخ من خلال دعوى يرفعها الطرف المتضرر بالعقد، في حال رفض الطرف الآخر فسخه اتفاقياً، بشرط إثبات الأسباب الموجبة للفسخ، والمتمثلة بإخلال الطرف الآخر بالتزاماته، أو استحالة التنفيذ لسبب لا يد له فيه، أو نتيجة وجود عيب من عيوب الرضا، الأهلية، المحل، أو السبب.
كما يمكن فسخ عقد الاستثمار أيضاً بالطرق الودية من خلال التفاوض بين الطرفين، أو عبر وساطة طرف ثالث، أو من خلال التحكيم، بحيث يصدر حكم المحكمين بفسخ العقد وتعويض الطرف المتضرر.
آثار فسخ عقد من عقود الاستثمار في الإمارات
لا يقتصر فسخ عقود الاستثمار في الامارات على إنهاء العلاقة التعاقدية فحسب، بل يترتب عليه مجموعة من الآثار القانونية والمالية التي تنعكس مباشرة على أطراف العقد، وتختلف باختلاف طريقة الفسخ وظروفه، وهذه الآثار هي:
- فسخ عقد الاستثمار بشكل رجعي، أي إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، بحيث إذا تم دفع مبلغ من قبل أحد الطرفين للطرف الآخر يتوجب رد ذلك المبلغ، وإذا تم تسليم مواد يتوجب استرداد تلك المواد.
- في حال عدم إمكانية إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، فإن الفسخ لا يتم بأثر رجعي، وإنما يتم تعويض الطرف المتضرر، إما بالفسخ الاتفاقي ما بين الطرفين، أو بحكم المحكمة التي ترفع إليها الدعوى، أو بحكم المحكمين إذا ما تم عرض النزاع على التحكيم.
لذا، فإن فهم هذه الآثار يُعد ضرورياً لأي مستثمر أو جهة متعاقدة لضمان الحفاظ على الحقوق وتقدير حجم المسؤوليات الناتجة عن الفسخ، سواء تم ذلك باتفاق الطرفين أو عبر القضاء أو التحكيم.
أهمية الحصول على استشارات قانونية في فسخ العقود
قبل اتخاذ قرار بفسخ عقد استثماري، من الضروري أن يلجأ الطرف المتعاقد إلى استشارة قانونية متخصصة تُمكّنه من معرفة الخيارات القانونية المتاحة وتجنب أي تبعات غير متوقعة. وتكمن أهمية الاستعانة بمحامٍ مختص عند فسخ عقود الاستثمار في عدة جوانب، أبرزها:
- تقدير الموقف القانوني بدقة: تحديد ما إذا كانت الأسباب الموجبة للفسخ مشروعة ومحققة لشروط القانون الإماراتي.
- تفادي الأخطاء الإجرائية: مثل صياغة الإعذار أو تقديم الدعوى بشكل خاطئ، مما قد يؤدي إلى رفض الدعوى أو ضياع الحقوق.
- اختيار الوسيلة الأنسب للفسخ: سواء بالتراضي، أو عبر القضاء، أو بالتحكيم، بما يحقق مصلحة العميل.
- حماية المصالح الاستثمارية والتجارية: من خلال تقليل الخسائر وضمان الحصول على التعويضات المستحقة إن وجدت.
- تعزيز الموقف التفاوضي: وجود استشارة قانونية قوية يمنح الطرف المتضرر قوة أكبر في التفاوض أو أثناء إجراءات التسوية الودية.
وعليه، فإن الاستعانة بخبرة محامٍ مختص تُعتبر ضمانة أساسية لحماية الحقوق وتحصيل التعويضات، ولتفادي المخاطر التي قد تنشأ من فسخ غير صحيح أو إجراء قانوني باطل.
الأسئلة الشائعة حول فسخ عقود الاستثمار في الامارات
في ختام هذا المقال، نكون قد استعرضنا دليلًا قانونيًا شاملًا عن فسخ عقود الاستثمار في الامارات، من حيث الشروط الجوهرية والإجراءات المتبعة والآثار القانونية المترتبة. إن فهم هذه الجوانب يتيح للمستثمرين حماية مصالحهم وتفادي المخاطر القانونية التي قد تنشأ نتيجة قرارات فسخ غير مدروسة.
إذا كنت طرفًا في عقد استثماري وتواجه إشكالية في تنفيذه أو تبحث عن حلول قانونية مناسبة لإنهائه، فإن فريق مكتب استشارات قانونية في الإمارات جاهز لتقديم الرأي القانوني المتخصص بكل مهنية عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.
قد يهمك أيضًا:
- عقود الاستثمار في القانون الاماراتي وأنواعها.
- عقود الاستثمار الدولية في الإمارات.
- مزايا وإجراءات التحكيم بمنازعات عقود الاستثمار في الإمارات.
تنويه قانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا تُعد استشارة قانونية. للحصول على مشورة مخصّصة تتوافق مع حالتك، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخّص في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصادر
- بوابة تشريعات الإمارات.
- وزارة العدل الإماراتية.
- قانون المعاملات المدنية الإماراتي.
